بسم الله الرحمن الرحيم
سئل الحسن البصرى عن سر زهده فى الدنيا فقال أربعة أشياء:
علمت أن رزقى لا يأخذه غيرى فاطمأن قلبى ،
وعلمت أن عملى لا يقوم به غيرى فاشتغلت به وحدى ،
وعلمت أن الله مطلع علي فاستحييت أن يرانى عاصيا ،
وعلمت أن الموت ينتظرنى فأعددت الزاد للقاء ربى.
هكذا الدنيا : صغير ود لو كبرا ، وشيخ ود لو صغرا ، وخال يشتهى عملا ،
وذو عمل به ضجرا ، ورب المال فى لعب ، وفى تعب من افتقر ،
وهم لو آمنوا بالله رزاقا ومقتدرا ، لما لاقوا الذى لا قوة هما ولا كدرا .
مرض أحد الحكماء ولكنه أمر بألا يؤذن لأحد من زواره بالدخول عليه ،
فلما شفى أنكر عليه اصحابه ذلك ، فوضح لهم وجهة نظره ،
فقال عوادى ثلاثة : صديق وعدو وثالث ليس بعدو ولا صديق ،
أما الصديق فإنه يتألم لرؤيتى مريضا وهذا ما لا أرضاه له ،
وأما العدو فإنه يشمت بى وهذا ما لا أرضاه لنفسى ،
وأما الثالث فلا حاجة به ولا بنا لزيارته .
يا من تمتع بالدنيا وزينتها ، ولا تنام عن اللذات عيناه ،
شغلت نفسك فيما لست تذكره ، تقول لله ماذا حين تلقاه .
قال أحد الحكماء: العجلة من الشيطان إلا فى خمسة : زواج البكر ، وإطعام الضيف ،
وقضاء الدين ، والتوبة من الذنب ، ودفن الميت .
اصطاد صياد سمكة كبيرة وأبصره أحد حاشية الأمير فاغتصبها منه بدون ثمن، فقال له الصياد : إنما أردت أن أبيعها وأشترى قوتا لعيالى ، فقال له :
" البر والبحر ملكنا وما فيهما ، ولا شئ لك عندنا "، فنظر إليه الصياد وقال بنفس حار .
" اللهم إنه تقوى علىّ بجاهه فأرنى قوتك فيه"، فعضته السمكة فى إصبعه فأحدثت به جرحا أحدث تسمما، وسرى التسمم فى الكف ثم الذراع ،
فأمر الطبيب بقطع ذراعه، ولما أحس بالهلاك وقف فى السوق يبكى وينادى "
من أراد أن ينظر إلى عاقبة الظلم والبغى فلينظر إلىّ".
قال أحد الحكماء: إن صاحبت فصاحب الأخيار، فإن الفجار صخرة لا يتفجر ماؤها ،
وشجرة لا يخضر ورقها، وأرض لا ينبت غرسها، وقال: لا تصحبن خمسة ولا تتخذهم لك إخوانا : الفاسق فإنه يبعك بأكلة فما دونها، والبخيل فإنه يخذلك بماله وأنت أحوج ما تكون إلى معونته .
والكذاب فإنه كالسراب يبعد عنك القريب ويدنى البعيد ،
والاحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك ، وقاطع الرحم فإنه ملعون فى كتاب الله .
سأل رجل حكيم : كم عمرك ؟ فقال الحكيم : صحتى جيدة والحمد لله ، قال السائل :
كم وفرت من المال ؟ قال الحكيم : ليست علىّ ديون والحمد لله، قال السائل: كم عدوا لك ؟
قال الحكـيم: قلبى نظيف ولسانى عفيف .
قال أحد الصالحين فى المناجاة: يا رب أجمل العطايا فى قلبى رجاؤك، وأعذب الكلام على لسانى ثناؤك، وأحب الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك .
قال أحد الحكماء: اجتنب سبع خصال يستريح جسمك وقلبك ويسلم عرضك ودينك :
لا تحزن على ما فاتك ، ولا تحمل هم ما لم ينزل بك ، ولا تلم الناس على ما فيك مثله ،
ولا تطلب الجزاء على ما لم تعمل ، ولا تنظر بشهوة إلى ما لا تملك ،
ولا تغضب على من لم يضره غضبك ، ولا تمدح من لم يعلم من نفسه خلاف ذلك .
قال بعض السلف: من عمل لآخرته كفاه الله دنياه ، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله
ما بينه وبين الناس، ومن أصلح سره أصلح الله علانيته .
سأل أحد الناس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال له:
ما تقول في الغناء ؟ أحلال أم حرام ؟ فقال ابن عباس : لا أقول حراما إلا ما ذكر في كتاب الله
أنه حرام . فقال الرجل : أحلال هو ؟ فقال ابن عباس : ولا أقول حلالاً إلا ما ذكر في كتاب الله
أنه حلال. ونظر ابن عباس إلى الرجل، فرأى على وجهه علامات الحيرة. فقال له: أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة، فأين يكون الغناء ؟
فقال الرجل: يكون مع الباطل. وهنا قال ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك .